التمزق الداخلي والحرب في أوكرانيا يدفعان باليمن إلى مجاعة شرسة

التمزق الداخلي والحرب في أوكرانيا يدفعان باليمن إلى مجاعة شرسة

يمنيون لـ"جسور بوست"

لا نجد الخبز ولا المياه ولا الأدوية.. وتشرد العديد من الشعب بسبب فقدان الوظائف

لو تتبعت المنظمات العالمية الوضع لدينا لوجدته أكثر كارثية مما يحدث في الحرب الروسية الأوكرانية

اليمن مقبرة كبيرة يتجمع فيها اليمنيون موتى.. السلام هو الحل الوحيد 

 

ما يتبادر إلى الذهن عادة عند سماعك وصف اليمن بـ"السعيد"، هو التساؤل لمَ وما هي مظاهر هذه السعادة، فما يعانيه البلد يخبرنا أنه ما بيمن وما هو بسعيد، حيث يعاني من فقر يصل حد المجاعة، وعدم استقرار أمني وقلة ذات اليد وحروب أهلية وإرهاب المجموعات الحوثية والداعشية، وغيرها من العصابات التي اتخذت من اليمن أرضًا لاستعراض قوّتها.

تحديات جديدة يواجها اليمنيون، جراء ارتفاع أسعار الحبوب عالمياً، مما يثير مخاوف الدول المستوردة، بخاصة اليمن، الذي يعتمد على القمح الروسي والأوكراني لإطعام نحو 30 مليون نسمة. 

ونتيجة لذلك، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن اليمن الذي "مزقته الصراعات يتجه نحو كارثة"، بسبب نضوب التمويل الإنساني.

وسجلت أسعار القمح الأوروبية مستوى قياسيًا وسط توقعات بانخفاض الإمدادات، خصوصا أن أوكرانيا وروسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. 

وكان برنامج الأغذية العالمي قد اضطر إلى خفض الحصص الغذائية لثمانية ملايين شخص في اليمن، حيث دفعت الأزمة المستمرة منذ أكثر من 7 سنوات، البلاد إلى حافة المجاعة. 

“جسور بوست” حاورت يمنيين، للوقوف على مدى صعوبة الوضع، وإلى أي حد وصلت أحوال الشعب اليمني.

اليمن يعيش مجاعة يتجاهلها العالم

العزي العصامي، ناشط يمني يقول: "يؤدي تصعيد الصراع في أوكرانيا إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء، وخاصة الحبوب في اليمن، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد، لكن بالطبع ليس الغزو الروسي لأوكرانيا هو سبب ما يعانيه الشعب اليمني من مجاعة، نعاني من ويلات الحروب والتحزب والاستغلال، منذ ما يزيد على 7 سنوات، ما تسبب في انهيار الاقتصاد اليمني، وارتفاع سعر الدولار مقابل الريال بشكل جنوني، لا يطيقه المواطن.

يستطرد: "يزيد الطين بلة، أنه مع الحرب توقفت الرواتب، وزادت نسبة الفقر حد الجوع، أمراض خطيرة ضربت الطبقات الفقيرة، كما ازدادت رقعتهم.

الشعب يعاني من قبل حرب أوكرانيا، فتأثير الحرب لا يذكر حيث إنه لا يوجد في اليمن اقتصاد، أو ما يمكن أن نسميه قوة شرائية وتوافر مواد غذائية ومشتقات النفط أو الغاز، حتى الماء لا يجده المواطن اليمني إلا بعناء وصعوبة، لو تتبعت المنظمات العالمية الوضع لدينا لوجدته أكثر كارثية، مما يحدث في الحرب الروسية الأوكرانية، أعداد كبيرة ماتت بسبب الجوع وبسبب نقص الأدوية، الكثير توقفوا عن أعمالهم بسبب تعرضهم لإصابات خطيرة جراء ضربات جوية، في المناطق الآهلة بالسكان، وعندما لم يجدوا العلاج أصبحوا عالة على المجتمع بعد أن كانوا قوة عاملة".

ويتابع: "أكثر من مليون ونصف، كانوا يعتمدون على وظائف توفرها الدولة، وتوقفت جميعها باستثناء قلة يتقاضون جزءا من مرتبهم، وكل موظف لديه أسرة كبيرة وعدد لا يقل عن 7 أشخاص على أقل تقدير، وبعضهم يعيل أسرة تتكون من 25 شخصا، الجميع أصبح يعاني المرض والتشرد، المسألة لدينا ليست تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على اليمن، وإنما هي تأثير الحرب اليمنية والتدخلات الخارجية على الوضع في اليمن، السلام هو الحل الوحيد في اليمن كي نستعيد الدولة، وكي يتم إنقاذ الشعب، ويستعيدوا المقدرة على الحياة، بلدنا عبارة عن مقبرة كبيرة يتجمع فيها اليمنيون موتى.

ويضيف: "نحن منعزلون عن العالم ولا يشعر بنا أحد، كل أوجه الحياة توقفت مظاهرها لدينا، الجميع بلا استثناء يعاني غير طبقة واحدة، وهم أمراء الحرب والمستفيدون منها".

أزمات كبيرة وبريق أمل

أزمات كبيرة يعانيها اليمن، ولكن يبقى هناك بريق أمل ننتظره جميعًا، هكذا بدأت أبها نور الدين عقيل إعلامية يمنية، وأضافت: "الحالة الاقتصادية مقسومة إلى نصفين، المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين، وأخرى تحت سيطرة الشرعية، فالأولى لا يسلمون الموظفين أجورهم، منذ بداية الحرب حتى الآن، كذلك الشرعية حينما أعطت مرتبات فعلتها في مناطق الشرعية، وهناك منع لتداول العملات الجديدة التي تصرفها الشرعية في منطقة الحوثيين، ما تسبب في أزمة كبيرة، كثير من الناس انتقل إلى أعمال مهنية ويدوية كالزراعة".

تتابع: "انتشرت مجاعة في اليمن، ولم تستطع أي من الحكومتين وضع حد لها، كذلك وصل لتر البترول إلى 16 ألف ريال، لا نجد الخبز ولا المياه".

تستطرد: "ما حدث مؤخرًا من إعلان هدنة ووجود مجلس رئاسي في اليمن والوديعة التي وضعتها السعودية، نستطيع أن نقول إن الأمور ربما تتجه نحو الأفضل، وربما كانت الحالة المعيشية للجزء الذي تسيطر عليه الحكومة الشرعية أفضل نوعًا ما عن باقي الشعب من مناطق سيطرة الحوثيين، بسبب الضرائب وما يعرف بـ"قانون الخمس".

 

عواقب اجتماعية لا يمكن التنبؤ بها 

في تحذير له، يقول الكاتب الأمريكي أنتوني فايولا في مقال في صحيفة "واشنطن بوست"، إنه على مدى السنوات الـ20 الماضية، عززت المحاصيل الأوكرانية الوفيرة من دور البلاد كقاعدة خبز عالمية، إذ أصبح بعض أكبر عملائها هم من البلدان المتضررة اقتصادياً، أو التي مزقتها الحرب أو الدول الهشة في الشرق الأوسط وإفريقيا، بما في ذلك اليمن ولبنان وليبيا، ومن ثم فإن نقص الحبوب أو ارتفاع الأسعار لن يؤديا إلى تعميق الألم فحسب، بل سيسفران عن عواقب اجتماعية لا يمكن التنبؤ بها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية